الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان ***
الْأَصْلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَيَّدَ عَلَى وَكِيلِهِ فَإِنْ كَانَ مُفِيدًا اعْتَبَرَهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَا، وَإِنْ كَانَ نَافِعًا مِنْ وَجْهٍ ضَارًّا مِنْ وَجْهٍ، فَإِنْ أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا لَا، وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ مِنْهَا: بِعْهُ بِخِيَارٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ. بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ، وَهُمَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ: بِعْهُ بِكَفِيلٍ بِعْهُ بِرَهْنٍ، وَبِعْهُ نَسِيئَةً فَبَاعَهُ نَقْدًا، بِخِلَافِ بِعْهُ نَسِيئَةً لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا، وَلَا تَبِعْ إلَّا نَسِيئَةً، لَهُ بَيْعُهُ نَقْدًا بِعْهُ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَهُ فِي غَيْرِهِ نَفَذَ. لَا تَبِعْهُ إلَّا فِي سُوقِ كَذَا لَا. وَنَظِيرُهُ بِعْهُ بِشُهُودٍ، لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ. فَلَا مُخَالَفَةَ مَعَ النَّهْيِ إلَّا فِي قَوْلِهِ: لَا تَبِعْ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ وَفِي قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَمَا فِي الصُّغْرَى فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ، بِخِلَافِ لَا تَبِعْ حَتَّى تَقْبِضَ. لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ الْحُقُوقِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الْوَكِيلِ فَلَا يَمْلِكُ النَّهْيَ الْوَكِيلُ يَمْلِكُ الْمَوْقُوفَ كَالنَّافِذِ فَلَا يُنْهِيهَا. وَتَمَامُهُ فِي نِكَاحِ الْجَامِعِالْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ رُجُوعِهِ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِ مِائَةٍ، فَاشْتَرَى وَادَّعَى الزِّيَادَةَ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ، تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا لِلتَّعَذُّرِ، بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ حَالَ قِيَامِهَا، وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ. لَا يَصِحُّ عَزْلُ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ إلَّا بِعِلْمِ الْمُوَكِّلِ، إلَّا الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِبَيْعِ مَالِهِ، ذَكَرَهُ فِي وَصَايَا الْهِدَايَةِ قُلْتُ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَانْحَصَرَ فِي الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَالْخُصُومَةِ، لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ، مُتَبَرِّعًا، إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ، لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ إلَيْهِ وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ سَوَاءٌ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ أَوْ بَعْدُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَمِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ: لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالْبَيْعِ مِنْهُ وَطَلَاقِ فُلَانَةَ وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ. وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُحِيلُ الْمُوَكِّلَ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إنْ ضَمِنَ لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِدُونِهِمَا فَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ، فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ كَمَا فِي كَفَالَةِ الْخَانِيَّةِ وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: مِنْ بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: إذَا بَاعَ وَكِيلُ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ، لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا بَاعَ مِنْ ابْنِهِ، وَفِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَحَدِ الِابْنَيْنِ مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ الْمَأْمُورِ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ نَفَذَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بُيُوعِ الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ. الْوَكِيلُ إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْوَكَالَةُ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ؛ فَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْهَا لَا يَقْتَصِرُ، وَطَلِّقْ نَفْسَكَ يَقْتَصِرُ، إلَّا إذَا قَالَ إنْ شِئْتَ فَيَقْتَصِرُ، وَكَذَا طَلِّقْهَا إنْ شَاءَتْ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْوَكِيلُ عَامِلٌ لِغَيْرِهِ فَمَتَى كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ بَطَلَتْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَبَطَلَ تَوْكِيلُهُ الْكَفِيلَ بِمَالٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلِذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ. وَيَصِحُّ عَزْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ. الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ الرَّابِعَةُ: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَلِكَ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا، وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ. الْخَامِسَةُ: الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَهُ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. السَّادِسَةُ: إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهِبَتِهِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا حَطُّ الْكُلِّ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِالْوَصِيُّ فَإِنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ وَالنَّفْعُ ظَاهِرٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي شِرَائِهِ لِلْغَيْرِ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِالْآمِرُ إذَا قَيَّدَ الْفِعْلَ بِزَمَانٍ؛ كَبِعْ هَذَا غَدًا أَوْ أَعْتِقْهُ غَدًا، فَفَعَلَهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ غَدٍ جَازَ كَذَا فِي حُجَجِ الْخَانِيَّةِ مَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي شَيْءٍ مَلَّكَهُ فِي بَعْضِهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَتَوَقَّفَ عِنْدَهُمَا، أَوْ فِي شِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا صَحَّ، أَوْ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ تَوَقَّفَ مَا لَمْ يَشْتَرِ الْبَاقِيَ كَمَا فِي الْكَنْزِ الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَأَجَازَ مَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ نَفَذَ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ التَّوْكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ صَحِيحٌ؛ فَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فُلَانًا فِي شِرَاءِ كَذَا فَفَعَلَ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ وَهُوَ عَلَى آمِرِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. الْوَكِيلُ إذَا كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً مُطْلَقَةً مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ وَوَقْفَ الْبَيْتِ. وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهَا رِسَالَةً. الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولٍ فَهَلَكَ، فَإِنْ كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ رَسُولَ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الدَّائِنِ ابْعَثْ بِهَا مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ رِسَالَةً لَهُ مِنْهُ؛ فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ إرْسَالٌ، فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الدَّائِنِ وَبَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ: مَنْ جَاءَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا وَمَنْ أَخَذَ أُصْبُعَكَ أَوْ قَالَ لَكَ كَذَا فَادْفَعْ مَالِي عَلَيْكَ إلَيْهِ، يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ. إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِعْتُهُ أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا. الْكُلُّ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي اخْتِلَافِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى؛ قَالَ: فَلَوْ قَالَ كُنْتُ وَقَبَضْت فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَكَانَ مُتَّهَمًا، وَقَدْ بَحَثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَنْتَبِهْ بِمَا فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ. (انْتَهَى). وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ مَسْأَلَةً لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنَّهُ قَبَضَ وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْقَرْضِ إذَا قَالَ قَبَضْتُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقْرَضُ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ. إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، إلَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَفَاءً، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ. إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ اسْتِحْسَانًا، إلَّا فِي الصَّرْفِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ. أَوْ وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ، إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِبَارَتُهُ، وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. الشَّيْءُ الْمُفَوَّضُ إلَى اثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا، كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ وَالنَّاظِرَيْنِ وَالْقَاضِيَيْنِ وَالْحَكَمَيْنِ وَالْمُودَعَيْنِ وَالْمَشْرُوطِ لَهُمَا الِاسْتِبْدَالُ وَالْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لَهُ أَوْ الِاسْتِبْدَالَ مَعَ فُلَانٍ فَإِنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْفِرَادَ دُونَ فُلَانٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. الْوَكِيلُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ، وَلَمْ يُعْلِمْ الْوَكِيلُ الْبَائِعَ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُكِّلَ رَجُلٌ بِقَبْضِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ وَالْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ فَدَفَعَهَا لَهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ إذَا هَلَكَتْ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا.
الْمُقَرُّ لَهُ إذَا كَذَّبَ الْمُقِرَّ بَطَلَ إقْرَارُهُ، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ، وَيُزَادُ الْوَقْفُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا رَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ، كَمَا فِي الْإِسْعَافِ، وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ وَالرِّقُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الْإِقْرَارُ لَا يُجَامِعُ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ إلَّا عَلَى مُنْكِرٍ إلَّا فِي أَرْبَعٍ: فِي الْوَكَالَةِ، وَالْوِصَايَةِ، وَفِي إثْبَاتِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، كَمَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ قُبِلَ وَسَقَطَ حَقُّ الرَّدِّ، كَذَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ تُقْبَلْ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ، بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْقُنْيَةِ. إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا، فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ كَمَا فِي سَرِقَةِ الظَّهِيرِيَّةِ. الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ؛ فَلَا يَطِيبُ لَهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا إلَّا فِي مَسَائِلَ، فَإِنْشَاءٌ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ أَنْكَرَ يُحَلَّفُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ مِلْكٍ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ. مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ؛ كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْمُرَاجِعِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ. وَتَفَارِيعُهُ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ: قُلْتُ فِي الشَّرْحِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهَا دُونَ الْإِخْبَارِ بِهَا. الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَاف مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَقْفِ. الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَفِي سَبَبِهِ، لَا أُقِرُّ لَهُ بِعَيْنٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً. أَوْ أَمَانَةً، فَقَالَ لَيْسَ لِي وَدِيعَةٌ لَكِنْ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ فَلَهُ أَخْذُهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى مِلْكِهِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ فَلَهُ مِثْلُهَا لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بَطَلَ إقْرَارُهُ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَالْبَائِعُ بِأَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي إقْرَارِهِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ بِالْقَضَاءِ؛ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ. وَمِنْهُ مَا فِي الْجَامِعِ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةً فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ عَلَى الْكَفِيلِ، كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ. وَخَرَجَتْ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَتَانِ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ يَجْمَعُهُمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ لَا يَكُونُ تَكْذِيبًا لَهُ. الْأُولَى: لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَضَى بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَجَحَدَ وَحَلَفَ وَقَضَى لَهُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِرْ الْغَرِيمُ مُكَذَّبًا حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ. وَزِدْتُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ صَرِيحًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِبَيِّنَةٍ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ، لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ، فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ وَفُطِمَ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَفَرَضَ الْقَاضِي لَهُ النَّفَقَةَ وَلَهَا بَيِّنَةٌ ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَنَفَاهُ لَاعَنَ وَقُطِعَ النَّسَبُ. وَلَهَا أُخْتَانِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، أَوْ بِوَقْفِيَّةِ دَارٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَمَسْأَلَةُ الْوَقْفِ مَذْكُورَةٌ فِي الْإِسْعَافِ قَالَ: لَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ. (انْتَهَى). وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ طَرَفًا مِنْ مَسَائِلِ الْمُقِرِّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا. وَذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَسْأَلَةً فِي الْوَصِيَّةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَهِيَ: رَجُلٌ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ وَلَهُ ابْنٌ فَقَطْ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ، فَأَنْكَرَ الِابْنُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ بُزَيْغٌ، فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قَضَى بِسَالِمٍ، وَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُ الْوَارِثِ بِبُزَيْغٍ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَارِثُ بِبُزَيْغٍ صَحَّ، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا مَسْأَلَةً تُخَالِفُهَا فَلْتُرَاجَعْ قَبْلَ قَوْلِهِ وُلِدَ. الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الدَّارَ لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بِدَيْنٍ فَلِلدَّائِنِ حَبْسُهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَيْنِ فَلَهُ بَيْعُهَا لِقَضَائِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَوْ أَقَرَّتْ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ بِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِي زَوْجِهَا وَصَدَّقَهَا الْأَبُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَمْ يَمْلِكْ الرَّجْعَةَ، وَإِذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ وَلَهُ أَخٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَتَعَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ لِكَوْنِهِ لِلِابْنِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ حُرَّةٍ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ صَحَّتْ، وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ أَخِيهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ، بَاعَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ عَلَى التَّلْجِئَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا، مَثَلًا: لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ. فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِالسَّوِيَّةِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، قَرْضًا أَقْرَضَنِيهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ، صَحَّ الْإِقْرَارُ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ وَلَا يُتَصَوَّرَانِ مِنْهُ، لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ. (انْتَهَى). وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ صَحِيحٌ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا كَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَا يَصْلُحُ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بَطَلَ، لِكَوْنِهِ مُحَالًا. يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَا لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ، فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ تَأْجِيلَ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حِينَ وَجَبَ. وَجَبَ مُؤَجَّلًا صَحَّ إقْرَارُهُ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَقْذُوفُ الْعَفْوَ عَنْ الْقَاذِفِ، وَلَوْ قَالَ الْمَقْذُوفُ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي دَعْوَايَ سَقَطَ الْحَدُّ، كَذَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ حِيَلِ الْمُدَايَنَاتِ. وَفَرَّعْتُ عَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ، وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ. وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ: لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْوَارِثِ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ وَارِثٍ آخَرَ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَرِيضِ وَارِثَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ، كَمَا فِي حِيَلِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَارِثِ. فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَى هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبِنْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبُوهَا لَا حَقَّ لَهَا فِيهَا، وَقَدْ أَجَبْتُ فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا فِيهَا مُسْتَنِدًا لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ؛ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَأَثْبَتَهُ وَأَبْرَأَهُ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ. وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ. (انْتَهَى). وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى حِيَلِ الْخَصَّافِ: قَالَتْ فِيهِ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي مَهْرٌ، أَوْ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ. (انْتَهَى). وَفِيهَا قَبْلَهُ: وَإِبْرَاءُ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ فِيهِ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْقَضَاءِ.وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ. وَفِي الْجَامِعِ إقْرَارُ الِابْنِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى وَالِدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أُمِّهِ صَحَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ وَهَبَهُوَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ. (انْتَهَى). فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ: قَوْلُهَا فِيهِ لَا مَهْرَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا شَيْءَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ مَهْرٌ. قِيلَ لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ يَصِحُّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. (انْتَهَى). لِأَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْمَهْرِ لِظُهُورِ أَنَّهُ عَلَيْهِ غَالِبًا. وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِ الْمَهْرِ. وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَعْدَهُ: ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَدُيُونًا وَدِيعَةً فَصَالَحَ مَعَ الطَّالِبِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ سِرًّا وَأَقَرَّ الطَّالِبُ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ، لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ بَرْهَنُوا أَنَّهُ كَانَ لِمُوَرِّثِنَا عَلَيْهِ أَمْوَالٌ لِكَنَّةِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَارِثَ الْمُدَّعِي وَجَرَى مَا ذَكَرْنَاهُ؛ فَبَرْهَنَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّ أَبَانَا قَصَدَ حِرْمَانَنَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ تُسْمَعُ. (انْتَهَى). لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِتَقَدُّمِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالصُّلْحِ مَعَهُ عَلَى يَسِيرٍ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى التُّهْمَةِ. وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَقَرَّ فِيهِ بِعَبْدٍ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِيهِ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ. (انْتَهَى). لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا نَفَاهُ مِنْ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي أَوْ لَا حَقَّ لِي؛ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فَمَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ؛ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ مِنْهُ أَوْ إبْرَاءٍ. إلَّا فِي ثَلَاثٍ: لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ مَعْرُوفَةٍ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً، أَوْ بِقَبْضِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ مَدْيُونِهِ. كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَارِيَّةَ. وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيثَارُ الْبَعْضِ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا الْكِتَابِ، وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ، مِمَّنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِمْ وَفَهْمِهِ، أَنَّ النَّفْيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ خَطَأٌ كَمَا سَمِعْتُهُ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْإِقْرَارَ هَهُنَا بِأَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَإِنَّهُ عِنْدِي عَارِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا لَا حَقَّ لِي فِيهِ فَيَصِحُّ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ، فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ فِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ. ذَكَرَ بَكْرٌ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ، إنْ كَانَ جُرْحُهُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ لَا يَصِحُّ إشْهَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ يَصِحُّ إشْهَادُهُ لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ جَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ الْمَيِّتِ إلَى آخِرِهِ. ثُمَّ قَالَ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ الْمَقْذُوفُ: لَمْ يَقْذِفْنِي فُلَانٌ. إنْ لَمْ يَكُنْ قَذْفُ فُلَانٍ مَعْرُوفًا يُسْمَعُ إقْرَارُهُ وَإِلَّا لَا. (انْتَهَى). الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفِعْلِ فِي الصِّحَّةِ. إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحٌ، لَا الصِّحَّةُ كَمَا فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ، لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ، إنَّهَا خَمْسُ مِائَةٍ، لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ. (انْتَهَى). اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ فِي الْمَرَضِ، أَوْ فِي كَوْنِهِ فِي الصِّغَرِ أَوْ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّغَرِ. كَذَا فِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ. وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ صَغِيرًا فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ أَسْنَدَ إلَى حَالِ الْجُنُونِ، فَإِنْ كَانَ مَعْهُودًا قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ أَوْ كَذَّبَهُ تُقْبَلُ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِشَيْءٍ وَقَالَ كُنْتُ فَعَلْتُهُ فِي الصِّحَّةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ فِي صِحَّتِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَادَّعَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ مَرَضِهِ. (انْتَهَى). وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ. مَجْهُولُ النَّسَبِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ وَصَارَ عَبْدَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَأَكُّدِ حُرِّيَّتِهِ بِالْقَضَاءِ، أَمَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِحَدٍّ كَامِلٍ أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ فَأَحْكَامُهُ بَعْدَهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ أَحْكَامُ الْعَبِيدِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ، وَفِي الْمُنْتَقَى؛ يُصَدَّقُ إلَّا فِي خَمْسَةٍ: زَوْجَتِهِ، وَمُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَمَوْلَى مُعْتَقِهِ. أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبُرْهَانٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ يَقْبَلُ النَّقْضَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ لِغَيْرِالْمَحْكُومِ لَهُ، وَلَا بُرْهَانُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ مِمَّا يَتَعَدَّى. فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ لِمَجْهُولٍ، أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَحَكَمَ بِهِ بِطَرِيقَةٍ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ابْنٌ لِغَيْرِ الْعَبْدِ الْمُقِرِّ، وَهِيَ تَصْلُحُ حِيلَةً لِدَفْعِ دَعْوَى النَّسَبِ، وَشَرَطَ فِي التَّهْذِيبِ تَصْدِيقَ الْمَوْلَى، وَفِي الْيَتِيمَةِ مِنْ الدَّعْوَى: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَاقْتَسَمَهُ الْوَارِثُونَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ كَانَ أَبِي، وَأَثْبَتَ النَّسَبَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالشُّهُودِ وَأَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ.فَيَقُولُ لَهُ الْوَارِثُونَ: بَيِّنْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي مَاتَ نَكَحَ أُمَّكَ.هَلْ يَكُونُ هَذَا دَفْعًا؟ فَقَالَ: إنْ قَضَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ نَسَبِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَبُنُوَّتُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ. (انْتَهَى). جَهَالَةُ الْمُقِرِّ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ: لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَجَمَعَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ إلَّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَدْيُونًاأَوْ مُكَاتَبًاكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ دَارٌ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا. (انْتَهَى). إذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ لَزِمَهُ بَيَانُهُ إلَّا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي عَلَيَّ لَهُ سُدُسٌ أَمْ رُبُعٌ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. إذَا تَعَدَّدَ الْإِقْرَارُ بِمَوْضِعَيْنِ لَزِمَهُ الشَّيْئَانِ، إلَّا فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ؛ لَوْ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ قَتَلْتُ ابْنَ فُلَانٍ وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ، وَكَذَا فِي التَّزْوِيجِ؛ وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ فَهِيَ ثَلَاثٌ، كَمَا فِي إقْرَارِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي. إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِمَهْرٍ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ الْمَهْرَ، عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ، وَيُجْعَلُ زِيَادَةً إنْ قَبِلَتْ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ لِعَدَمِ قَصْدِهَا كَمَا فِي مَهْرِ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لَهَا كِسْوَةً مَاضِيَةً، فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إنَّهَا تَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهَا إذَا ادَّعَتْ، فَإِنْ ادَّعَتْهَا بِلَا قَضَاءٍ وَلَارِضَاءٍ لَمْ يَسْمَعْهَا لِلسُّقُوطِ وَإِلَّا سَمِعَهَا وَلَا يَسْتَفْسِرُالْمُقِرَّ. (انْتَهَى). يَعْنِي فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهَا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ فَتَلْزَمُهُ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا صَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَرِضَاءٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمُطْلَقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَلْزَمَهُ.
الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ، إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. الْأُولَى: مَا إذَا صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَهُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ. الثَّانِيَةُ: لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ بَطَلَ الصُّلْحُ وَفِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ لَا. (انْتَهَى). وَيُزَادُ مَا فِي الْمَجْمَعِ: لَوْ صَالَحَهُ عَنْ شَاةٍ عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ، يُجِيزُهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ. وَعَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا. كَمَا فِي الشَّرْحِ، مَعَ أَنَّ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ.الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. أَجَّلَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ لِلْآخِذِ صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ. أَجَّلَتْ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ زَوْجَهَا بَعْدَ الْحُلُولِ صَحَّ وَلَهَا الرُّجُوعُ. اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَمْهَلَهُ الْمُدَّعِي صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ. الصُّلْحُ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ؛ إذْ لَا نِزَاعَ وَيَصِحُّ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي بَعْدَهُ عَلَى أَصْلِ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِي صُلْحِ الْوَصِيِّ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى إنْكَارٍ إذَا صَالَحَ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَأَقَامَهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ طُلِبَ يَمِينُهُ لَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُنَا لَيْسَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ. الصُّلْحِ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ بَعْدَهُ تُقْبَلْ، وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى صُلْحٍ قَبْلَهُ بَطَلَ الثَّانِي إذْ الصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى إنْكَارٍ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ، وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الدَّعْوَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ. فَيُقَالُ إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. صُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ صَحِيحٌ لَا بَيْعُهُ. وَصُلْحُ الْوَارِثِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِجَنِينِ الْأَمَةِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَبَيَانُهُ فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة. طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَطَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ يَكُونُ إقْرَارًا. الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى شَيْءٍ إنَّمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْعُقْبَى، إلَّا إذَا قَالَ: صَالَحْتُكَ عَلَى كَذَا وَأَبْرَأْتُك عَنْ الْبَاقِي. الصُّلْحُ إذَا كَانَ مِنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ إجَارَةً، وَلَوْ كَانَ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَّا إذَا صَالَحَهُ عَلَى غَلَّتِهِ أَوْ غَلَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَثَمَرَةِ النَّخْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَالْقِصَاصِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، الصُّلْحُ جَائِزٌ عَنْ دَعْوَى الْمَنَافِعِ إلَّا دَعْوَى الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى.لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْحَدِّ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ صَالَحَ الْمَحْبُوسَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إذَا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حَبْسُهُ ظُلْمًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الصُّلْحُ يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالنَّقْضَ إلَّا إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ عَلَى خَمْسَةٍ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. ادَّعَى فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ.
إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ، إلَّا فِي الْوَصِيِّ يَأْخُذُ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَمِلَ.كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ. إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَهَا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ عَكْسُهُ فَلِلْمُضَارِبِ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ: الثُّلُثَ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ، لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّصِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلِلْمُضَارِبِ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُ إلَيْهِ التُّجَّارُ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ. لَا يَتَجَاوَزُ الْمُضَارِبُ مَا عَيَّنَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ إلَّا إذَا قُيِّدَ عَلَيْهِ بِسُوقٍ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ بِأَهْلِ بَلَدٍ كَأَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِمْ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ. الْمُضَارَبَةُ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ فَتَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ، تُصْرَفُ أَوَّلًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَّا إذَا صَارَ الْمَالُ عَرُوضًا. إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تَعْمَلْ بِرَأْيِكَ صَحَّ نَهْيُهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ. أَطْلَقَهَا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ عَمِلَ نَهْيَهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.
هِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. قَبُولُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْهِبَةَ صَحِيحٌ إلَّا إذَا وَهَبَ لَهُ مَا لَا نَفْعَ لَهُ وَتَلْحَقُهُ مُؤْنَتُهُ، فَإِنَّ قَبُولَهُ بَاطِلٌ وَيُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ، وَمِنْهُ لَوْ وَهَبَتْ مِنْ ابْنِهَا مَا عَلَى أَبِيهِ لَهَا.فَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ لِلتَّسْلِيطِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَهُ لَمْ يَجُزْوَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ أَنَّ الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِيهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، لِكَوْنِهِ إخْبَارًا لَا تَمْلِيكًا، وَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الْهِبَةُ تَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِكَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ. وَالثَّانِيَةُ: الْعَيْنُ الْمُوصَى بِهَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ دَفْعُهَا إلَى الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي مَعَ أَنَّهَا صِلَةٌ. الثَّالِثَةُ: الشُّفْعَةُ؛ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ الْعَقَارِ إلَى الشَّفِيعِ مَعَ أَنَّهَا صِلَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلِذَا لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ النَّفَقَاتِ. قُلْتُ الرَّابِعَةُ: مَالُ الْوَقْفِ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ تَسْلِيمُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ صِلَةٌ مَحْضَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ وَإِلَّا فَفِيهِ شَائِبَتُهَا.
وَفِيهِ مَسَائِلُ: إذَا قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ كَانَ إبْرَاءً عَامًّا كَقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ، إلَّا إذَا طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ لَهُ طَالِبْ الْأَصِيلَ، فَقَالَ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
الْأُولَى: إذَا أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. الثَّانِيَةُ: إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الثَّالِثَةُ: إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَالَةِ، وَقِيلَ يَرْتَدُّ. الرَّابِعَةُ: إذَا قَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ.كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ. الْإِبْرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ إلَّا فِي الْإِبْرَاءِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْقَضَاءِ الْمُطَالَبَةُ لَا أَصْلُ الدَّيْنِ، فَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ بِمَا أَدَّاهُ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ، وَإِذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ فَلَاوَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَطْلَقَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مِنْ الْهِبَةِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ. فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ وَرَجَعَ عَلَيْهَا. وَحَكَى فِي الْمَجْمَعِ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْمُحْتَالِ الْمُحِيلَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ. فَأَبْطَلَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الدَّيْنِ، وَصَحَّحَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ. وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ: تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَنْ إنْسَانٍ ثُمَّ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى وَجْهِ الْإِسْقَاطِ فَلِلْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا تَبَرَّعَ بِهِ. (انْتَهَى). وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا مَسَائِلُ: مِنْهَا لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا بِخِلَافِ هَلَاكِهِ بَعْدَ الْإِيفَاءِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. وَمِنْهَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ. بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ كَذَا فِي وِكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
مِنْهَا لَوْ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ لَمْ يَرْجِعْ. وَمِنْهَا فِي الْكَفَالَةِ كَذَلِكَ. وَمِنْهَا تَوَقُّفُهَا عَلَى الْقَبُولِ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ. وَمِنْهَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ لَا تُقْبَلُ وَبَيَانُهُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَمَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ لِلْأَوَّلِ نَحْوُ إنْ أَدَّيْتُ إلَيَّ غَدًا كَذَا فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْبَاقِي، وَإِذَا، وَمَتَى كَانَ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِلثَّانِي نَحْوُ قَوْلِهِ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ غَدًا كَذَا. وَتَمَامُ تَفْرِيعِهِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ بَابِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ، وَلِلْأَوَّلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلِلثَّانِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ. وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمَجْهُولِ لِلثَّانِي، وَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونَيْهِ أَبْرَأْتُ أَحَدَكُمَا لَمْ يَصِحَّ لِلثَّانِي. ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثُ مَدْيُونَ مُوَرِّثِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَوْتِهِ ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا، فَبِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ يَصِحُّ وَكَذَا بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ بَاعَ عَيْنًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ ظَهَرَ مَوْتُهُ صَحَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَهُنَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ قَالُوا صَحَّ التَّوْكِيلُ نَظَرًا إلَى جَانِبِ الْإِسْقَاطِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى جَانِبِ التَّمْلِيكِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ عَامِلٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ بَرَاءَةُ نَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ. وَأَجَبْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ.
فَكُرِهَ لِلْمُرْتَهِنِ سُكْنَى الْمَرْهُونَةِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقِفُ فِي ظِلِّ جِدَارِ مَدْيُونِهِ، فَذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ كَذَا فِي كَرَاهَتِهَا الْقَوْلُ لِلْمُمَلِّكِ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَدَفَعَ شَيْئًا فَالتَّعْيِينُ لِلدَّافِعِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَعْيِينُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا فَأَدَّى شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِنْ نِصْفِهِ، فَإِنْ كَانَ التَّعْيِينُ مُفِيدًا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالَّا أَوْ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَالْآخَرُ لَا، صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مِنْ الْمَهْرِ، وَقَالَتْ هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي الْمُهَيَّإِ لِلْأَكْلِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
الْأُولَى: الْقَرْضُ. الثَّانِيَةُ: الثَّمَنُ عِنْدَ الْإِقَالَةِ. الثَّالِثَةُ: الثَّمَنُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَهُمَا فِي الْقُنْيَةِ. الرَّابِعَةُ: إذَا مَاتَ الْمَدْيُونُ الْمُسْتَقْرِضُ فَأَجَّلَ الدَّائِنُ الْوَارِثَ. الْخَامِسَةُ: الشَّفِيعُ إذَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ الثَّمَنُ حَالًّا فَأَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي. السَّادِسَةُ: بَدَلُ الصَّرْفِ. السَّابِعَةُ: رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ.آخِرُ الدَّيْنَيْنِ قَضَاءً لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَلْفٌ قَرْضٌ فَبَاعَ مِنْ مُقْرِضِهِ شَيْئًا بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ. وَالْمُقْرِضُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْجَامِعِ. الْقَرْضُ لَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي وَصِيَّةٍ كَمَا ذَكَرُوهُ قُبَيْلَ الرِّبَا. وَفِيمَا إذَا كَانَ مَجْحُودًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ كَمَا فِي صَرْفِ الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِيمَا إذَا حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ. وَفِيمَا إذَا أَحَالَ الْمُقْرِضُ بِهِ عَلَى إنْسَانٍ فَأَجَّلَهُ الْمُسْتَقْرِضُ كَذَا فِي مُدَايِنَاتِ الْقُنْيَةِ. الْوَكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ إذَا أَبْرَأَ وَلَمْ يُضِفْ إلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِحَقٍّ قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ لَمْ يَبَرَّ كَمَا فِي شُفْعَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى؛ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَبْرَأُ قَضَاءً وَدِيَانَةً وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ: أَحَالَتْ إنْسَانًا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ الْمَهْرِ ثُمَّ وَهَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الدَّفْعِ لَا تَصِحُّ. قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَلَهُ ثَلَاثُ حِيَلٍ إحْدَاهَا شِرَاءُ شَيْءٍ مَلْفُوفٍ مِنْ زَوْجِهَا بِالْمَهْرِ قَبْلَ الْهِبَةِ. وَالثَّانِيَةُ صُلْحُ إنْسَانٍ مَعَهَا عَنْ الْمَهْرِ بِشَيْءٍ مَلْفُوفٍ قَبْلَ الْهِبَةِ. وَالثَّالِثَةُ هِبَةُ الْمَرْأَةِ لِابْنٍ صَغِيرٍ لَهَا قَبْلَ الْهِبَةِ. (انْتَهَى). وَفِي الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ فِي أَحْكَامِ الدَّيْنِ مِنْ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ. الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمَدْيُونِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ. هَكَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْكَفَالَةِ وَهِيَ أَيْضًا فِي الْخَانِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ، وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ: عَلَيْهِ بُرٌّ مَشْرُوطٌ تَسْلِيمُهُ فِي بُولَاقَ فَلَقِيَهُ الدَّائِنُ بِالصَّعِيدِ وَطَلَبَ تَسْلِيمَهُ فِيهِ مُسْقِطًا عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ، فَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِالصَّعِيدِ، وَلَكِنْ نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ قَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ، وَظَاهِرُهُمَا تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ إلَّا لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ يُقِيمَ الْمَدْيُونُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ. وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ وَإِنْ أَسْقَطَ عَنْهُ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ إلَى بُولَاقَ فَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ بُرٌّ بِالصَّعِيدِ. إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ دَيْنَهُ لِفُلَانٍ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَنْهُ وَلِهَذَا كَانَ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُقِرِّ وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَى أَيِّهِمَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ هِيَ مَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ: الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِفُلَانٍ أَوْ لِوَالِدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْقُنْيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا وَكِيلُهُ فِي سَبَبِ الْمَهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْحِيلَةُ فِي أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ وَلَا إبْرَاؤُهُ مِنْهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَذْكُورَةٌ فِي فَنِّ الْحِيَلِ مِنْهُ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا دَيْنٌ وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ النَّفَقَةِ بِلَا رِضَاءِ الزَّوْجِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ لِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَضْعَفُ فَصَارَ كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَشَابَهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْحَقَّيْنِ جَيِّدًا وَالْآخَرُ رَدِيئًا. لَا يَقَعُ التَّقَاصُّ بِلَا تَرَاصٍّ. عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ وَلِلْمُودَعِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ لَمْ تَصِرْ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ حَتَّى يَجْتَمِعَا وَبَعْدَ الِاجْتِمَاعِ لَا تَصِيرُ قِصَاصًا مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ قَبْضًا، وَإِنْ فِي يَدِهِ يَكْفِي الِاجْتِمَاعُ بِلَا تَجْدِيدِ قَبْضٍ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ قِيَامِهِ فِي يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ. (انْتَهَى). إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الدَّيْنِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ، وَإِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ.
فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ بَابِ الِاسْتِصْنَاعِ: وَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَالْكُلُّ لِلْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمَاضِي لِلْغَاصِبِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لِلْمَالِكِ. (انْتَهَى). الْغَصْبُ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِحِمَايَةٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْقُنْيَةِ. التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يُوجِبُ الْأَجْرَ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَلَا تَجِبُ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالتَّمَكُّنِ. الثَّانِيَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهَافَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا. الثَّالِثَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا كُلَّ يَوْمٍ بِدَانَقٍ فَأَمْسَكَهُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ لِبْسٍ، لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ لَتَخَرَّقَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَتَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي زَمَانِ إمْسَاكِهَا عِنْدَهُ يَضْمَنُهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي إمْسَاكِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ إمْسَاكِهَا. كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ أَخْذٌ، فَإِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ تَصِحَّ، وَالْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُدَّةِ جَائِزٌ، وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا. كَمَا لَوْ رَخُصَتْ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا، فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةِ فَاسِدَةً أَجَّرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ، لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ رَجَعَ الْقَاضِي إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ، فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَسَخَهَا، وَالْوَاحِدُ يَكْفِي عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ الْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا الْقَاضِي، كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، ثُمَّ يُؤَجِّرُهَا مِمَّنْ زَادَ، فَإِنْ كَانَتْ دَارًا أَوْ حَانُوتًا عَرَضَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ وَكَانَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا لَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ أَنْكَرَ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا؛ فَإِنْ كَانَتْ فَارِغَةً عَنْ الزَّرْعِ فَكَالدَّارِ، وَإِنْ مَشْغُولَةً لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا لِغَيْرِ صَاحِبِ الزَّرْعِ، لَكِنْ تُضَمُّ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مَا بَنَى أَوْ غَرَسَ، فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا مُشَاهَرَةً فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إذَا فَرَغَ الشَّهْرُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَالْبِنَاءُ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ لِلْوَقْفِ أَوْ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَخَلَّصَ بِنَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً لَمْ تُؤَجَّرْ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُضَمُّ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ كَالزِّيَادَةِ وَبِهَا زَرْعٌ، وَأَمَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الصُّغْرَى. هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ كَلَامِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ. إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ، صَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ فَاسِدًا، فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبْدَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَدَلَ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسَ الْعَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا عَجَّلَهُ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي آخِرِ إجَارَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا تَنْفَسِخُ بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ كَالِاسْتِكْتَابِ فَلِصَاحِبِ الْوَرَقِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ. وَأَصْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ. لِرَبِّ الْبَذْرِ الْفَسْخُ دُونَ الْعَامِلِ، وَمِنْ أَعْذَارِهَا الْمُجَوِّزَةِ لِفَسْخِهَا الدَّيْنُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهَا، فَلَهُ فَسْخُهَا وَضَمِنَ بَيْعَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَالَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ، وَإِلَّا جَازَ صَحَّ اسْتِئْجَارُ قَلَمٍ بِبَيَانِ الْأَجْرِ وَالْمُدَّةِ. أَجَّرَ الْغَاصِبُ ثُمَّ مَلَكَ نَفَذَتْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِوَضْعِ شَبَكَةِ الصَّيْدِ جَازَ وَكَذَا اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ اسْتَأْجَرَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ، وَلِغَيْرِهَا جَازَ كَالِاسْتِئْجَارِ لِكِتَابَةٍ أَوْ لِغِنَاءٍ أَوْ لِبِنَاءِ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ. اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَحْتَطِبَ جَازَ إنْ وَقَّتَ. اسْتَأْجَرَتْ زَوْجَهَا لِغَمْزِ رِجْلِهَا لَمْ يَجُزْاسْتَأْجَرَ شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ أَوْ جَدْيَيْهِ لَمْ يَجُزْ اسْتَأْجَرَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ جَائِزَةٌ. دَفَعَ دَارِهِ إلَى آخَرَ لِيُرَمِّمَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ. الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا، إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا جَازَتْ، وَقِيلَ لَا. اسْتَأْجَرَ دَرَاهِمَ لِيَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ وَيَضْمَنُهَا، وَلَوْ لَيُزَيِّنَ بِهَا جَازَتْ إنْ وَقَّتَ. وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ بِأَجْرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ لَهُ، وَكَذَا أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَصُوفُهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ مُطْلَقًا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ وَيَنْصَرِفُ إلَى شَدِّ الثِّيَابِ عَلَيْهَا أَوْ الدَّابَّةِ، وَبِعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا الثَّمَرَةُ. دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ لَهُ بِالنِّصْفِ فَسَدَتْ كَاسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا. يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ طَعَامِ الْعَبْدِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَتَطْيِينِ الدَّارِ وَمَرَمَّتِهَا وَتَغْلِيقِ الْبَابِ وَإِدْخَالِ جِذْعٍ فِي سَقْفِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اسْتَعَانَ بِرَجُلٍ فِي السُّوقِ لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ فَطَلَبَ مِنْهُ أَجْرًا فَالْعِبْرَةُ لِعَادَتِهِمْ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَجُلًا فِي حَانُوتِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَانْتَفَعَ بِهِ فِي الْمِصْرِ، فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَا. اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَسَاقَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إلَّا لِعُذْرٍ بِهَاالْأَجِيرُ الْكَاتِبُ إذَا أَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ، فَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ خُيِّرَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ، إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ أَعْطَاهُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْمُسَمَّى اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ جَحْدِهَا وَجَبَ الْأَجْرُ وَقِيمَتُهُ، لَوْ هَلَكَ حَمَلَ أَحَدُ الْأَجِيرِينَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ شَرِيكَيْنِ وَجَبَ لَهُمَا كُلُّهُ، وَإِلَّا فَلِلْحَامِلِ النِّصْفُ قَصَرَ الثَّوْبَ الْمَجْحُودَ فَإِنْ قَبِلَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الصَّبَّاغُ وَالنَّسَّاجُ. لَا يَسْتَحِقُّ الْخَيَّاطُ أَجْرَ التَّفْصِيلِ بِلَا خِيَاطَةٍ. الصَّيْرَفِيُّ بِأَجْرٍ إذَا ظَهَرَتْ الزِّيَافَةُ فِي الْكُلِّ اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ وَفِي الْبَعْضِ بِحِسَابِهِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ دَفَعَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ لِصِنَاعَةٍ؛ إنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا أَجَّرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ سَكَنَا فِيهَا فَلَا أَجْرَ. مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا أَجْرَ لِمَنْ دَلَّهُ. إنْ دَلَلْتنِي عَلَى كَذَا فَلَكَ كَذَا فَدَلَّهُ، فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَشْيِ لِأَجْلِهِ. وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ. وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى. وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا عَقْدَ إجَارَةٍ هُنَا. وَلِهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ بَيَّنَ الْمَوْضِعَإجَارَةُ الْمُنَادِي وَالسِّمْسَارِ وَالْمُحَامِي وَنَحْوِهَا جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ. السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضَاءٌ وَقَبُولٌ. قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى وَإِنَّمَا أَرْضَى بِكَذَا، فَسَكَتَ الْمَالِكُ فَرَعَى لَزِمَتْهُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِ اُسْكُنْ بِكَذَا وَإِلَّا فَانْتَقِلْ فَسَكَنَ لَزِمَهُ مَا سَمَّى الْأُجْرَةُ لِلْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَاصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ. وَجَبَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَ الِاصْطِلَامِ وَسَقَطَ مَا بَعْدَهُ. لَا يَلْزَمُ الْمُكَارِيَ الذَّهَابُ مَعَهَا وَلَا إرْسَالُ غُلَامٍ مَعَهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْآجِرَ بِتَخْلِيَتِهَا. اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ حَوْضٍ، عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ، وَبَيَّنَ الْعُمْقَ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ لَهُ رُبُعُ الْأَجْرِ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْعَشَرَةِ مِائَةٌ، وَالْخَمْسَةُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكَانَ لَهُ رُبُعُ الْعَمَلِ. اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ قَبْرٍ فَحَفَرَهُ فَدَفَنَ فِيهِ غَيْرَ مَيِّتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا أَجْرَ لَهُ. بِعْهُ لِي بِكَذَا وَلَك كَذَا فَبَاعَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. مَتَى وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ. اكْتَرَاهَا بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ إنْ مُتَفَاوِتًا لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ دَارِي لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ أَوْ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ أَجَّرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ. أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا الْمُسْتَأْجِرُ إذَا بَنَى فِيهَا بِلَا إذْنٍ فَإِنْ بِلَبِنٍ فَلَهُ رَفْعُهُ، وَإِنْ بِتُرَابِهَا فَلَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ. تَفْسُدُ إجَارَةُ الْحَمَّالِ لِطَعَامِ الْمُعَيَّنِ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ، وَكَذَا بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ. شَرَطَ الْحَمَّامِيُّ أَنَّ أَجْرَ زَمَنِ التَّعْطِيلِ مَحْطُوطٌ عَنْهُ صَحِيحٌ، لَا أَنْ يَحُطَّ كَذَا، وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِاشْتِرَاطِ خَرَاجِهَا أَوْ عُشْرِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِرَدِّهَا مَكْرُوبَةً. أُجْرَةُ حَمَّالِ حِنْطَةِ الْقَرْضِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْمُقْرِضُ بِإِذْنِ الْمُسْتَقْرِضِ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُجْبِرَ أَجْرُ نَزْحِ بَيْتِ الْخَلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ السَّاكِنُ لِلْعَيْبِ. وَكَذَا إصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَتَطْيِينُ السَّطْحِ وَنَحْوُهُمَا لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَإِخْرَاجِ تُرَابِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَكُنَاسَتِهِ وَرَمَادِهِ، لَا تَفْرِيغَ الْبَالُوعَةِ. رَدُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَاجِبٌ فِي مَكَانِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا انْفَسَخَتْ انْفَسَخَتْ الثَّانِيَةُ. الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ لِلْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ وَلَا تَنْقُصُ الْأُولَى. النُّقْصَانُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ إذَا كَانَ يَسِيرًا جَائِزٌ. أَجَّرَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَالثَّانِيَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ رَدَّهَا بَطَلَتْ وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأُجْرَةُ لَهُ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ سَنَةٍ فَمَضَى نِصْفُهَا بِلَا عَمَلٍ فَلَهُ الْفَسْخُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَوْتِهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَلَا قَاضِيَ فِي الطَّرِيقِ وَلَا سُلْطَانَ فَتَبْقَى إلَى مَكَّةَ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ الْأَصْلَحَ لِلْمَيِّتِ وَالْوَرَثَةِ؛ فَيُؤَجِّرَهَا لَهُ إنْ كَانَ أَمِينًا أَوْ يَبِيعُهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ لِلْإِيَابِ رَدَّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْ ثَمَنِ مَا فِي يَدِهِ وَإِذَا أُعْتِقَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ يُخَيَّرُ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَلِلْمُوَلِّي أَجْرُ مَا مَضَى وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ بَلَغَ الْيَتِيمُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ إجَارَةِ الْوَصِيِّ إلَّا إذَا أَجَّرَ الْيَتِيمُ فَلَهُ فَسْخُهَا. أَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أُعْتِقَ نَفَذَتْ وَمَا عَمِلَ فِي رِقِّهِ فَلِمَوْلَاهُ وَفِي عِتْقِهِ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ فِي خِدْمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ضَمِنَهُ. مَرَضُ الْعَبْدِ وَإِبَاقُهُ وَسَرِقَتُهُ عُذْرٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي فَسْخِهَا، وَكَذَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ فَاسِدًا، لَا عَدَمَ حِذْقِهِ ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ. اخْتَلَفَ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَالْمَلَّاحِ فِي مِقْدَارِهِ، فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً بِحُكْمِ الْحَالِ، إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. قَالَ الْفَضْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: إلَّا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فَارِغَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ. كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِخِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا كَبِنَاءٍ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ وَالْغَلَقِ وَالْمِيزَابِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إلَّا فِي اللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ وَالْبَابِ وَالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَالْجِذْعِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ، وَالْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا، وَالسُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَذَكَرَهَا الْوَلْوَالِجِيُّ، وَذَكَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضِينَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْقَاضِي، فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى بِالتَّلْفِيقِ أَرْبَعًا وَزِدْتُ عَلَيْهَا مَسَائِلَ: الْأُولَى: الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الثَّانِيَةُ: الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ ابْنِهِ، ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا. الثَّالِثَةُ: إذَا مَاتَ الْوَارِثُ مُجَهِّلًا مَا أَوْدَعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ. الرَّابِعَةُ: إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ. الْخَامِسَةُ: إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. السَّادِسَةُ: إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجَهِّلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَهُ مَحْجُورًا. وَهَذِهِ الثَّلَاثُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْخَلَّاطِيِّ فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى عَشْرًا وَقُيِّدَ بِتَجْهِيلِ الْغَلَّةِ لِأَنَّ النَّاظِرَ. إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَعْلَمُهَا فَإِنْ بَيَّنَهَا وَقَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتُهَا. فَلَا تَجْهِيلَ إنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ عَلَى مَقَالَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا فَلَا تَجْهِيلَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ إذَا لَمْ يُعَرِّفْ الْوَارِثَ الْوَدِيعَةَ، أَمَّا إذَا عَرَّفَ الْوَارِثُ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتُهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ؛ إنْ فَسَّرَهَا وَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ. (انْتَهَى). وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ التَّجْهِيلَ، وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ مَاتَ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ. فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ لِوَضْعِ جُذُوعِهِ وَوَضَعَهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ وَقْتَ الْبَيْعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا تَعَدَّى الْأَمِينُ ثُمَّ أَزَالَهُ يَزُولُ الضَّمَانُ؛كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْحِفْظِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ بِالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالشَّرِيكِ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً. وَالْمُودِعُ وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ، وَهِيَ فِي الْفُصُولِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فِي الْمَبْسُوطِ. الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ. وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ وَالْعَارِيَّةُ تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ، قِيلَ يُودَعُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْعَارِيَّةُ؛ إذْ تَصِحُّ إعَارَتُهُمَا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْإِيدَاعِ، وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يُسَلِّمُهَا إلَى غَيْرِ عِيَالِهِ وَإِنَّمَا جَازَتْ الْإِعَارَةُ لِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ لِلْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْإِيدَاعِ؛ فَإِنْ قِيلَ إذَا أَعَارَ فَقَدْ أَوْدَعَ، قُلْنَا ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ. وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ لَا يُودَعُ وَلَا يُعَارُ وَلَا يُؤَجَّرُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَيَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِجَارَةَ دُونَ الْإِعَارَةِ كَمَا فِي وَصَايَا الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ. الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مُودَعٌ. فَلَا يَمْلِكُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا، إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا، وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ، فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهَا. فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ. كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسَقَّفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّونَ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ إذَا سَمَّى لَهُ أَجْرًا لِيَأْتِيَ بِهَا جَازَ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ إلَّا إذَا وَقَّتَ لَهُ وَقْتًا. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ جَعَلَ لِلْكَفِيلِ أَجْرًا لَمْ يَصِحَّ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْوَدِيعَةَ بِأَجْرٍ مَضْمُونَةٌ. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ صَحَّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهَنَ. كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحَقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ؛كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِإلَّا فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَدَفَعَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقِيَضِ الْعَيْنِ. وَالْفَرْقُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. الْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ. إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّي الْأَمِينُ إذَا خَلَطَ بَعْضَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِبَعْضٍ أَوْ الْأَمَانَةَ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ، فَالْمُودَعُ إذَا خَلَطَهَا بِمَالِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ ضَمِنَهَا وَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا فَرَدَّهُ، وَخَلَطَهُ بِهَا ضَمِنَهَا. وَالْعَامِلُ إذَا سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَخَلَطَ الْأَمْوَالَ ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا لِأَرْبَابِهَا، وَلَا تَجْزِيهِمْ عَنْ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ أَوْقَافٍ مُخْتَلِفَةٍ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَالسِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَأَثْمَانَ مَا بَاعَهُ ضَمِنَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ بِالْخَلْطِ وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ ضَمِنَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَا يَضْمَنُ الْأَمِينُ بِالْخَلْطِ، وَالْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ، أَوْ مَالَ رَجُلٍ بِمَالِ آخَرَ، وَالْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ يَضْمَنُ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَهُ لَمْ يَبْرَأْ. وَحِيلَةُ بَرَاءَتِهِ إنْفَاقُهُ فِي التَّعْمِيرِ أَوْ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُنَصِّبَ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَيَبْرَأُ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ الْأَمِينُ إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا. فَهَلَكَتْ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ. الرَّقِيقُ إذَا اكْتَسَبَ وَاشْتَرَى شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ أَوْدَعَهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِكَوْنِهِ مَالَ الْمَوْلَى، مَعَ أَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ شَيْئًا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي شَيْءٍ كَإِذْنِهِ أَمَانَةً وَضَمَانًا وَرُجُوعًا وَعَدَمَ رُجُوعٍ وَخَرَجَتْ عَنْهُ مَسْأَلَتَانِ: الْمُودَعُ إذَا أَذِنَ إنْسَانًا فِي دَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُودِعِ فَدَفَعَهَا لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ الدَّافِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الثَّانِيَةُ: حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ؛ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ آذَنَ أَحَدُهُمَا مُسْتَأْجِرَهُ بِالْعِمَارَةِ فَعَمَّرَ، لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الشَّرِيكِ السَّاكِتِ، وَلَوْ عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ، كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ الْمَنْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ كَانَتْ سَيْفًا فَطَلَبَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ ظُلْمًا. أَوْ كَانَتْ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بِمَالٍ لِغَيْرِهِ أَوْ قَبْضٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْمُودَعُ إذَا أَزَالَ التَّعَدِّيَ زَالَ الضَّمَانُ إلَّا إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ مُوَقَّتًا فَتَعَدَّى بَعْدَهُ ثُمَّ أَزَالَهُ لَمْ يَزُلْ الضَّمَانُ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْمُودَعُ إذَا جَحَدَهَا ضَمِنَهَا إلَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْلِ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ فَمَضْمُونَةٌ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَتَقَدَّمَتْ. لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَارِيَّةَ مَتَى شَاءَ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ اسْتَعَارَ أَمَةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَصَارَ لَا يَأْخُذُ إلَّا ثَدْيَهَا، لَهُ الرُّجُوعُ لَا الرَّدُّ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَى الْفِطَامِ، وَلَوْ رَجَعَ فِي فَرَسِ الْغَازِي قَبْلَ الْمُدَّةِ فِي مَكَانٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَهُ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَتُتْرَكْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إلَّا فِي عَارِيَّةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، تَحْلِيفُ الْأَمِينِ عِنْدَ دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ الْهَلَاكِ؛ قِيلَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ، وَقِيلَ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، وَلَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِيَمِينِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَحَلَفَ لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ، كَذَا فِي وَدِيعَةِ الْمَبْسُوطِ لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدِ رَبِّهَا لَمْ يَبْرَأْ سَوَاءٌ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا أَوْ لَا، هُوَ الصَّحِيحُ. وَاخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا إذَا رَدَّهَا إلَى بَيْتِ مَالِكِهَا أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ إلَى الْوَارِثِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ إنْ كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا وَإِلَّا فَلَا. إلَّا إذَا دَفَعَ لِبَعْضِهِمْ، وَلَوْ قَضَى الْمُودَعُ بِهَا دَيْنَ الْمُودِعِ ضَمِنَ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَبْرَأُ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ. ادَّعَى الْمُودَعُ دَفْعَهَا إلَى مَأْذُونِ مَالِكِهَا، وَكَذَّبَاهُ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَتِهِ. لَا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدَّفْعِ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا كَالْغَصْبِ وَالدَّيْنُ لَا. كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ. وَمِنْ الثَّانِي مَا إذَا أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْمِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ وَهِيَ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ مِنْ الْعِمَادِيِّ اسْتَأْجَرَ بَعِيرًا إلَى مَكَّةَ فَهُوَ عَلَى الذَّهَابِ دُونَ الْمَجِيءِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ بَعِيرًا فَهُوَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. الْمُسْتَطِيعُ لَا يَمْلِكُ الْإِبْضَاعَ وَالْإِيدَاعَ، وَالْأَبْضَاعُ الْمُطْلَقَةُ كَالْوَكَالَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْمَشِيئَةِ، حَتَّى إذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ ثَوْبًا صَحَّ، كَمَا إذَا قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ أَيَّ ثَوْبٍ شِئْتَ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِضَاعَةً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا صَحَّ. وَالْبِضَاعَةُ كَالْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا، إلَّا إذَا كَانَ فِي قَصْدِهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِرْبَاحَ أَوْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. (انْتَهَى) الْإِعَارَةُ كَالْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ. الْقَوْلُ لِلْمُودَعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ إلَّا إذَا قَالَ: أَمَرْتَنِي بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتهَا إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ رَبُّهَا فِي الْأَمْرِ، فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا. وَالْمُودَعُ ضَامِنٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى، كَذَا فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْأَصْلِ لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. الْمُودَعُ: إذَا قَالَ: لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي، وَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا، وَلَا بَيِّنَةَ، يُعْطِيهَا لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا اُسْتُوْدِعَ بِجَهْلِهِ. مَاتَ رَجُلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَجَمِيعُ مَا تَرَكَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا.
الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ، عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ، كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعِبَادَاتِ وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ وَفِي الْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرْبِ مِنْ الثُّلُثِ. فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ، وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَلَا يُكَفَّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ. لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ صَحَّ، وَلَا يَجْزِيهِ عَنْهَا وَلَا يَصُومُ لَهَا. وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ. وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا عِنْدَهُمَا. (انْتَهَى). يَعْنِي بِنَاءً عَلَى الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ. الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَالِ، وَإِذَا قُتِلَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ لَوْ أَتْلَفَ مَا اقْتَرَضَهُ وَمَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَا أُعِيرَ لَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ، وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَهِيَ مِنْ مُشْكِلَاتِ إيدَاعِ الصَّبِيِّ. قُلْت: لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا، وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا لَا يَخْفَى الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ وَعَكْسُهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ لِلْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ الْمَحْجُورِ وَلَا بَيِّنَةَ، وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ. أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَا يَكُونُ إذْنًا إلَّا إذَا قَالَ: بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَايِعُوا ابْنِي إذَا قَالَ لَهُ: آجِرْ نَفْسَك، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ بِعْ ثَوْبِي، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ كَانَ إذْنًا بِالتِّجَارَةِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَالْآمِرُ بِالشِّرَاءِ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، فَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي ثَوْبًا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ، وَلَا لِلُبْسٍ كَانَ إذْنًا، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فَلْيَحْفَظْهُ. الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إلَّا إذَا كَانَ الْآذِنُ مُضَارِبًا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ فَأَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمُضَارَبَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْأَصَحُّ عِنْدِي التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. إذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ السَّفِيهَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ صَحَّ، فَإِنْ قَصَّرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ وَقَعَ وَلَا يَلْزَمُهَاوَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ فَأَطْلَقَهُ آخَرُ جَازَ إطْلَاقُهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلثَّالِثِ تَنْفِيذُ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ. وَوَقْفُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بَاطِلٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَصَحَّحَهُ الْبَلْخِيُّ، وَأَبْطَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ. وَلَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عِنْدَ الثَّانِي. وَلَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي، وَلَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْحَجْرُ بِالرُّشْدِ. وَلَا بُدَّ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِمَا. وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَوَقَعَتْ حَادِثَةٌ: حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ ثُمَّ ادَّعَى الرُّشْدَ، وَادَّعَى خَصْمُهُ بَقَاءَهُ عَلَى السَّفَهِ وَبَرْهَنَا، فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا. وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ. مِنْ الْحَجْرِ: الظَّاهِرُ زَوَالُ السَّفَهِ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ يَمْنَعُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ لَا يَنْحَجِرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ قَضَى لِمَنْ بَرْهَنَ؛ فَإِنْ بَرْهَنَا فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِثْبَاتِ فَكُلُّ بَيِّنَةٍ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ لَمْ تُقْبَلْ. وَهُنَا بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ فَلَمْ تُقْبَلْ. الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَمَا فِي إجَارَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَجُزْ الْغَرِيمُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهَا، وَيَبِيعُهُ الْقَاضِي فَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَلِلْوَاهِبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَصَايَا. الْمَأْذُونُ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ: بَايِعُوا عَبْدِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ.
هِيَ بَيْعٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي ضَمَانِ الْغَرَرِ لِلْجَبْرِ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ. فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ، كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمَالِكِ الْقَدِيمِ وَاسْتِيلَادِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ. فَرُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي وَرِضَاهُ بِالْعَيْبِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ كَالْأَجَلِ وَبِرَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ لَا تَسْلَمُ لِلْمُشْتَرِي. وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْفَسْخِ دُونَ التَّحَوُّلِ. قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: وَالتَّحَوُّلُ أَصَحُّ، وَإِلَّا بَطَلَتْ بِهِ الْمَعْلُومُ لَا يُؤَخَّرُ لِلْمَوْهُومِ، فَلَوْ قَطَعَ عَيْنَيْ رَجُلَيْنِ فَحَضَرَ، أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ لَهُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ حَضَرَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِكُلِّهَا كَذَا فِي جِنَايَاتِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. بَاعَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ شَفِيعُهَا، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ. وَإِلَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ إنْ رَدَّهَا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَبُ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَكَانَ شَفِيعَهَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا. وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ. إذَا كَانَتْ دَارُ الشَّفِيعِ مُلَازِقَةً لِبَعْضِ الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَازَقَهُ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُورِ مَكَّةَ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهَا يَصِحُّ الطَّلَبُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَى مُوَكِّلِهِ، فَإِنْ سَلَّمَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ وَبَطَلَتْ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَالتَّسْلِيمُ مِنْ الشَّفِيعِ لَهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا سَمِعَ بِالْبَيْعِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ يَطْلُبُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ ثُمَّ يَشْهَدُ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا وَكَّلَ أَوْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَرْسَلَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ تَسْلِيمُ الْجَارِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحِيحٌ، وَلَوْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ لَمْ يَأْخُذْ الْجَارُ. سَلَامُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُبْطِلُهَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ مِنْ الشَّفِيعِ يُبْطِلُهَا قَضَاءً مُطْلَقًا وَلَا يُبْطِلُهَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إذَا صَبَغَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ أَخَّرَ الشَّفِيعُ الْجَارُ الطَّلَبَ لِكَوْنِ الْقَاضِي لَا يَرَاهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ فَامْتَنَعَ فَأَخَّرَ الْيَهُودِيُّ إذَا سَمِعَ بِالْبَيْعِ يَوْمَ السَّبْتِ فَلَمْ يَطْلُبْ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا. تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الشَّفِيعِ حِينَ عَلِمَ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ احْتَالَ لِإِبْطَالِهَا يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ. وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ خِلَافُهُ؛ اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِلَا يَمِينٍ. هِبَةُ بَعْضِ الثَّمَنِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِحَطُّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا يَلْتَحِقُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ لَهُ دَعْوَى فِي رَقَبَةِ الدَّارِ وَشُفْعَةٌ فِيهَا؛ يَقُولُ: هَذِهِ الدَّارُ دَارِي، وَأَنَا أَدَّعِيهَا فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيَّ، وَإِلَّا فَأَنَا عَلَى شُفْعَتِي فِيهَا اسْتَوْلَى الشَّفِيعُ عَلَيْهَا بِلَا قَضَاءٍ، فَإِنْ اعْتَمَدَ قَوْلَ عَالِمٍ لَا يَكُونُ ظَالِمًا، وَإِلَّا كَانَ ظَالِمًا. وَفِي جِنَايَاتِ الْمُلْتَقَطِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَشْيَاءُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ الْعَقْلُ وَالشُّفْعَةُ وَأُجْرَةُ الْقَسَّامِ وَالطَّرِيقُ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. (انْتَهَى).
الْغَرَامَاتُ إذَا كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَهِيَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ. وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقِسْمَةِ مَا إذَا غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ قَرْيَةٍ، فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى هَذَا، وَهِيَ فِي كَفَّارَةِ التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا خِيفَ الْغَرَقُ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا فَأَلْقَوْا، فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ. (انْتَهَى). الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِيَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ إنْ كَانَ وَاسِعًا لَا يَضُرُّ، وَكَذَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا شَيْئًا مِنْ الطُّرُقِ فِي مَحَلَّتِهِمْ، وَفِي دُورِهِمْ إنْ لَمْ يَضُرَّ. وَلَهُ بِنَاءُ ظُلَّةٍ فِي هَوَاءِ طَرِيقٍ إنْ لَمْ يَضُرَّ، لَكِنْ إنْ خُوصِمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُنِعَ مِنْهُ، وَبَعْدَهُ هُدِمَ الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ فَإِنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَا جَبْرٍ وَقُسِّمَ وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ أَجَّرَهُ لِيَرْجِعَ. بَنَى أَحَدَهُمَابِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَطَلَبَ رَفْعَ بِنَاءَهُ قُسِّمَ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْبَانِي فِيهَا، وَإِلَّا هُدِمَ. لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَأَذَّى جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ تَنُّورًا وَحَمَّامًا وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِظُهُورِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إلَّا ذَا قَضَى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ وَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاءِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِالتَّرَاضِي، أَمَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا تُنْتَقَضُ بِظُهُورِ وَارِثٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي ظُهُورِ الْمُوصَى لَهُ.
بَيْعُ الْمُكْرَهِ يُخَالِفُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِي أَرْبَعٍ: يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ، وَيُنْتَقَضُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ دُونَ الْقَبْضِ وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُكْرَهِ مَضْمُونٌ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى. أَمْرُ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَعَّدْهُ، وَأَمْرُ غَيْرِهِ لَا، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلُهُ أَوْ يَقْطَعُ يَدَهُ أَوْ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ تَلَفِ عُضْوِهِ. كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِيأَجْرَى الْكُفْرَ عَلَى لِسَانِهِ بِوَعِيدِ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ، كَفَرَ وَبَانَتْ امْرَأَتُهُ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْقَطْعِ لَمْ يَسَعْهُأُكْرِهَ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فَأَبَى حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا أُكْرِهَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ أُكْرِهَ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُكْرِهِ إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْقَرَابَةِ. إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرِهِ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ تَصَرُّفَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ إجَارَةٍ إلَّا التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْإِعْتَاقَ. أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَعَ إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِهِ فَوَكَّلَأُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ قَدْرُهُ وَبَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ. (انْتَهَى).
الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا فِي الْوَقْفِ. الْمَغْصُوبِ إذَا غُصِبَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يُضَمِّنُ الثَّانِيَ، كَذَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ. إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا، وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهَاإلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ. الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ، فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ: أَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ أَمْضَيْتُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ، إلَّا فِي خَمْسَةٍ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا. الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ مَوْلًى لِلْمَأْمُورِ. الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ عِنْدَ الْغَيْرِ كَأَمْرِهِ عَبْدَ الْغَيْرِ بِالْإِبَاقِ أَوْ بِقَتْلِ نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْآمِرَ يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ، بِخِلَافِ مَالِ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَغْرَمُهُ الْمَوْلَى يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ. الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالِ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ الصَّبِيُّ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ. الْخَامِسَةُ: إذَا أَمَرَهُ بِحَفْرِ بَابٍ فِي حَائِطِ الْغَيْرِ فَحَفَرَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي السِّرَاجِيَّةِ: يَجُوزُ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الشِّرَاءَ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا. الثَّالِثَةُ: إذَا مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ فَبَاعُوا قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا الْبَقِيَّةَ إلَى الْوَرَثَةِ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا. وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ. وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَسَائِلُ الاستحسانية: ذَبَحَ شَاةَ قَصَّابٍ شَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ، ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فِي أَيَّامِهَا لَمْ يَضْمَنْ. أَطْلَقَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَ قِدْرًا عَلَى كَانُونٍ فِيهِ لَحْمٌ وَوَضَعَ الْحَطَبَ فَأَوْقَدَ غَيْرُهُ وَطَبَخَهُ، وَكَذَا لَوْ طَحَنَ بُرًّا جَعَلَهُ فِي دَوْرَقٍ وَرَبَطَ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ، وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حِمْلَهُ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ، وَكَذَا لَوْ أَعَانَهُ فِي رَفْعِ الْجَرَّةِ فَانْكَسَرَتْ، وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فُوَّهَةَ الطَّرِيقِ فَسَقَاهَا حِينَ سَدَّهَا صَاحِبُهَا. وَمِنْهَا إحْرَامُ رَفِيقِهِ لِإِغْمَائِهِ، وَسَقْيُ أَرْضِهِ بَعْدَ بَذْرِ الْمُزَارِعِ. وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ. وَالْكُلُّ مِنْ كِتَابِ الْمَرْضَى مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا فَلَوْ رَمَى سَهْمًا مِنْ مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَهُ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَضْمَنُهُ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ لَمْ تَضْمَنْ نِصْفَ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ إلَّا بِتَعَمُّدِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ تَعْلَمَ بِالنِّكَاحِ، وَأَنْ يَكُونَ الْإِرْضَاعُ مُفْسِدًا لَهُ وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. وَالْجَهْلُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ لِدَفْعِ الْفَسَادِ كَمَا فِي إرْضَاعِ الْهِدَايَةِ الْعَقَارُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: إذَا جَحَدَهُ الْمُودِعُ، وَإِذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ، وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَالُ الْيَتِيمِ، وَمَالُ الْوَقْفِ، وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ: سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا. كَذَا فِي وَصَايَا الْقُنْيَةِ. لَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لَهُ بِإِجَارَتِهَا إنَّمَا تَصِيرُ مُعَدَّةً إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ، وَبِإِعْدَادِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي الْغَاصِبِ، إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهَنِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَسَكَنَهَا سَنَتَيْنِ وَدَفَعَ أُجْرَتَهُمَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً، لِكَوْنِهِ دَفَعَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إلَّا إذَا دَفَعَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ الْمُؤَجِّرُ. أَجَّرَ الْفُضُولِيُّ دَارًا مَوْقُوفَةً وَقَبَضَ الْآجِرُ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْعُهْدَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ الْمِثْلِ وَيَرُدُّهُ إلَى الْوَقْفِ. أَجَّرَهَا الْغَاصِبُ وَرَدَّ أُجْرَتَهَا إلَى الْمَالِكِ تَطِيبُ لَهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ إجَازَةٌ اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ. قَالَ لِلْغَاصِبِ ضَحِّ بِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ ضَمِنَهَا وَإِنْ بَعْدَهُ لَا. الْأَجْرُ قِيَمِيٌّ وَكَذَا فِي الْفَحْمِ. أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ، فَنَظَرَ إلَيْهَا فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ. الْخَشَبُ إذَا كَسَّرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ، وَلَوْ كَسَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الرُّجُوعُ. عَثَرَ فِي زِقِّ إنْسَانٍ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ إلَّا إذَا وَضَعَهُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. الْآمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا؛ أَوْ مَوْلًى لِمَأْمُورٍ، أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ، كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَزِدْتُ رَابِعَةً مَا إذَا أَمَرَ الْأَبُ ابْنَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. لَا يَجُوزُ دُخُولُ بَيْتِ إنْسَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا فِي الْغَزْوِ، كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي، وَفِيمَا إذَا سَقَطَ ثَوْبُهُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ أَخَذَهُ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ. حَفَرَ قَبْرًا فَدَفَنَ فِيهِ آخَرُ مَيِّتًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْحَافِرِ فَلِلْمَالِكِ النَّبْشُ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجُهُ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ وَالزَّرْعُ فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ ضَمِنَ الْحَافِرُ قِيمَةَ حَفْرِهِ مِمَّنْ دُفِنَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ سَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَا يَدْرِي بِأَيِّ أَرْضٍ يَمُوتُ، هَكَذَا ذَكَرَ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَفْرِوَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ، فَهِيَ صُورَتَانِ؛ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ، وَفِي مُبَاحِهِ فَلَهُ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْحَفْرِ.
|